فضيحة المذيعة الأمريكية مع بوتين: "الإغراء" الذي أشعل مواقع التواصل وموسكو

فضيحة المذيعة الأمريكية مع بوتين: "الإغراء" الذي أشعل مواقع التواصل وموسكو


خلال مقابلة CNBC في موسكو، اتُّهمت هادلي غامبل بمحاولة "إغواء" بوتين بلعق شفتيها وإظهار ساقيها، فردّ عليها بسخرية لافتة، ما أشعل جدلاً إعلامياً واسعاً بين روسيا والغرب.


موسكو – في خبر طفت تفاصيله على كافة منصّات التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، أعادت حادثة "الإغراء المزعوم" التي وقعت قبل أربع سنوات بين المذيعة الأميركية هادلي غامبل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، طرح سؤال حساس حول أسلوب التعامل مع الصحفيات في قلب الصراع الجيوسياسي بين موسكو وواشنطن.


خلفيّة الحدث

في السابع عشر من أكتوبر 2021، استضاف "أسبوع الطاقة الروسي" في العاصمة موسكو عدداً من كبار صنّاع القرار والإعلاميين لمناقشة مستقبل الغاز الطبيعي الروسي في الأسواق الأوروبية. وفي قاعة "روسيا كونغريس سنتر"، وقفت هادلي غامبل، مراسلة شبكة CNBC الأميركية، أمام كاميرات تُبث مباشرة على مدى 24 ساعة، لتُجري أول مقابلة تلفزيونية من نوعها مع بوتين منذ اندلاع أزمة الغاز في أواخر صيف 2021.

سؤال "الغاز كسلاح" يُشعل الموقف

بدأت غامبل المقابلة بطرح سؤال مباشر: "سيدَ الرئيس، تتزايد اتهامات أوروبا بأنكم تستعملون الغاز كأداة ضغط جيوسياسي، فما ردّكم؟"، ليجيب بوتين بحدة: "هذا هراءٌ كامل، روسيا لا تتاجر باحتياجات الناس". غير أن ما حدث بعد ذلك سرعان ما تجاوز مضمون السياسة إلى عالم "الدعاية والإثارة".

"الإغراء" الذي لم يُرَ

خلال بثّ مباشر استمرّ 11 دقيقة، رصدت عدسات التلفزيون الروسي لقطات قالت عنها وسائل إعلام حكومية إن غامبل "لعقت شفتيها أكثر من 12 مرة" و"أظهرت ساقيها بشكل متعمّد"، في محاولة – وفق روايتهم – لاستفزاز الرئيس أو "تشتيت تركيزه" أثناء الردود. وسرعان ما أعاد برنامج "Vesti Nedeli" الموالي للكرملين بثّ تحليلٍ بالصور البطيئة لحركات جسد المراسلة، معلناً أنها "جزء من عملية أميركية خاصة لإرباك بوتين"، على حدّ تعبير مقدّمه دميتري كيسيليوف.

ردّ بوتين الساخر

لم يُظهر بوتين، البالغ من العمر آنذاك 69 عاماً، أي انزعاج واضح، بل التفت إلى غامبل مبتسماً قبل أن يُدلي بتعليق أثار ضجّة إعلامية واسعة: "أنت جميلة جدّاً وجذابة لدرجة أنكِ لا تسمعين ما أقوله تماماً، لكن دعينا نعود للحقائق". واعتبرت صحف روسية أن "الذكاء الروسي" حوّل الإحراج إلى صحفية "حاولت استعمال جاذبيتها بدل أسئلتها".

غامبل تضحك: "دعاية رخيصة"

لم تلبث هادلي غامبل أن خرجت عن صمتها عبر صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، مؤكدة أن كل ما يُقال "مجرد دعاية رخيصة"، وقالت: "أنا محترفة منذ 15 عاماً، ولم أُفكّر لحظة بإغواء أحد لأحصل على خبر". وأضافت أن تركيزها كان منصبّاً فقط على "الحصول على إجابة واضحة لأسئلة الملايين من المستهلكين الأوروبيين القلقين على فواتير الغاز".

انقسام إعلامي غربي–روسي

في موسكو، تناقلت القنوات الروسية تقارير عن "العملاء الجدد للإعلام الغربي"، فيما وصف مستشارو الكرملين الحادثة بأنها "محاولة فاشلة لاستعمال الجسد بدل العقل"، على حدّ تعبير المتحدثة السابقة ماريا زاخاروفا. أما في واشنطن ولندن، فرأت افتتاحيات صحف "الغارديان" و"واشنطن بوست" أن تعليق بوتين "يميّز بين الجنسين" و"يُذكّر بثقافة التقليل من قدرات المرأة"، داعية إلى إدانة التصريحات باعتبارها "تمييزاً صارخاً".

خبراء لغة الجسد: "الجاذبية أداة.. ليست كل شيء"

من جانبه، قال المحلل البريطاني أندرو ماثيوز، المتخصص في لغة الجسد، إن "الإعلاميين كثيراً ما يستخدمون الإشارات غير اللفظية لكسب تعاطف المُستَجوب، لكن هذا لا يُنقص من مهنية الصحفي أو صحفيته"، مضيفاً أن "التركيز على المظهر بدل المضمون يُظهر تعالياً أبوياً على المرأة العاملة في مجال الأخبار".

تداعيات القصة

لم تكن غامبل أول من يواجه هذا النوع من الردود. ففي عام 2017، خرجت مذيعة NBC ميغن كيلي بتصريحات مماثلة بعد مقابلتها لبوتين، حيث سألته عن التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، فردّ عليها بسخرية من مظهرها. ومع استمرار التوتر بين الغرب وروسيا، يُرى أن مثل هذه المواقف باتت جزءاً من "أسلوب الكرملين" في التعامل مع الإعلام الغربي: مزيج من السياسة، والدبلوماسية، ولمسة سخرية لا تخلو من التمييز أحياناً.

ماذا بعد؟

تُظهر الحادثة أن المعركة الإعلامية بين المعسكرين الروسي والغربي تتجاوز حدود السياسة والاقتصاد إلى مناطق حساسة تتعلّق بالهوية والجندر. وفي عصر يتزايد فيه تأثير صور السيلفي ومقاطع الفيديو القصيرة، يبدو أن "الإثارة" أصبحت سلاحاً يُستخدم من الجانبين، سواء عبر "فيديوهات التحليل البطيء" أو "التغريدات الساخرة".

يبقى السؤال الأبرز: هل يمكن الفصل بين الجسد والمهنية في الإعلام الحربائي؟ أم أن الجدل الدائر حول "إغراء بوتين" سيظهر مجدداً مع كل مقابلة مقبلة؟

```
HASSAN BENYOUB
بواسطة : HASSAN BENYOUB
Maghrebcom مدونة إخبارية شاملة ترصد أبرز المستجدات في العالم العربي، المغرب العربي، الشرق الأوسط وإفريقيا، إضافة إلى أخبار التقنية، الرياضة، المشاهير والمرأة.
تعليقات