سلمو أسلحتهم.. خطوة جديدة نحو السلام في كيدال
🇲🇱 FLASH | Des combattants du #FLA (Front de Libération de l’#AZAWAD) ont déposé les armes et annoncé leur retour au sein de la République du #Mali.
— La Revue Afrique (@larevueafrique) December 11, 2025
Ils intégreront probablement les Forces Armées Maliennes (#FAMa) dans les prochains jours. pic.twitter.com/ZaEV70nOm6
شهدت مدينة كيدال في شمال مالي، يوم الأربعاء 10 ديسمبر 2025، حدثاً بارزاً تمثل في استسلام مجموعة تتراوح بين 10 و14 مقاتلاً من جبهة تحرير أزواد (FLA)، حيث قاموا طواعية بإيداع أسلحتهم خلال مراسم رسمية أشرف عليها الجنرال الحاج غامو، والي ولاية كيدال وأحد أبرز الوجوه العسكرية في المنطقة. ويعد هذا التطور رسالة قوية باتجاه التهدئة والاستقرار، في منطقة عانت لسنوات من الصراع والانقسامات.
مراسم التسليم.. خطوة “شجاعة ومسؤولة”
أقيمت المراسم بحضور السلطات الإدارية والأمنية والوجهاء التقليديين، ما عكس رغبة محلية في دعم مسار المصالحة. وأكد المقاتلون المنسحبون رغبتهم في “طي صفحة العنف” والانخراط في عملية السلام.
الجنرال غامو وصف الخطوة بأنها "عمل شجاع ومسؤول"، مؤكداً التزام الدولة بمواكبة هؤلاء الشباب، سواء عبر إعادة إدماجهم اجتماعياً أو عبر إدماج بعضهم في القوات المسلحة المالية (FAMa)، وذلك في إطار برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج والاندماج (DDR-I).
ما هي جبهة تحرير أزواد FLA؟ خلفيات وامتدادات
تعد جبهة تحرير أزواد إحدى الفصائل المسلحة المنضوية ضمن الحركات الأزوادية الانفصالية ذات الطابع الطوارقي. وظهرت الجبهة خلال السنوات الأخيرة ضمن موجة التشكيلات المحلية التي سعت إلى فرض نفوذ لها في شمال مالي، خصوصاً في المناطق الحدودية.
وكانت الجبهة قد ظهرت في عدة بيانات خلال 2025، محذرة من مواجهات مرتقبة مع القوات المالية والجنود الروس التابعين لـAfrica Corps (فاغنر سابقاً)، ودعت السكان إلى مغادرة مناطق التوتر قرب كيدال وميناكا وغاو.
لكن تغير موازين القوى بعد استعادة الجيش المالي سيطرته على كيدال ساهم في تكثيف الانشقاقات داخل هذه المجموعات، وأدى إلى سلسلة من الاستسلامات منذ بداية العام.
الجيش المالي يستعيد المبادرة في الشمال
-
يناير 2025: استسلام ما بين 4 و7 مقاتلين في تومبكتو
-
مارس 2025: مجموعة أخرى تلقي السلاح وتنضم للمنطقة العسكرية الخامسة
-
يونيو 2025: اشتباكات عنيفة قرب أغلهوك أسفرت عن خسائر كبيرة بين صفوف المقاتلين
هذه المحطات تظهر نمطاً تصاعدياً في موجة الانسحابات من الجماعات الانفصالية، ما يعزز استراتيجية باماكو في فرض الاستقرار.
عملية DDR-I.. ركيزة أساسية لسلام دائم
تندرج عملية التسليم الأخيرة ضمن إطار برنامج DDR-I الذي أطلقته الحكومة المالية بهدف:
-
نزع السلاح: جمع الأسلحة بشكل منظم
-
التسريح: فصل المقاتلين عن الجماعات المسلحة
-
إعادة الإدماج: توفير دعم اجتماعي واقتصادي وتدريب مهني
-
الاندماج: ضم جزء من المقاتلين إلى القوات النظامية
ويُعتبر هذا البرنامج ركيزة محورية لضمان استقرار طويل الأمد، إذ يمنح بديلاً للمقاتلين ويحد من احتمالات عودتهم لحمل السلاح.
هل يشكل تسليم الأسلحة نقطة تحول؟
يرى مراقبون أن هذه الخطوة تحمل دلالات مهمة:
-
تراجع نفوذ الجماعات الانفصالية بفعل الضغوط العسكرية وتضييق الخناق على خطوط الإمداد.
-
تحسن نسبي في العلاقات بين السكان والسلطات بعد سنوات من انعدام الثقة.
-
تعزيز خطاب الدولة حول استعادة السيادة، خصوصاً بعد طرد القوات الفرنسية وتنامي التعاون العسكري بين باماكو وموسكو.
لكن النجاح الحقيقي — بحسب خبراء في شؤون الساحل — يعتمد على قدرة الدولة على تنفيذ برامج إدماج فعلي، وتوفير فرص اقتصادية، وإعادة بناء المؤسسات المحلية، حتى لا تتحول مجموعات منشقة إلى فصائل جديدة أكثر تشدداً.
تفاعل إعلامي واسع وصدى على منصات التواصل
انتشرت صور ومقاطع فيديو توثق عملية التسليم عبر منصات "إكس"، حيث أشاد مستخدمون بالخطوة باعتبارها انتصاراً للسلام. وركزت وسائل الإعلام المالية على الجانب الرمزي للحدث، معتبرة أن “كل مقاتل يعود إلى حضن الوطن يمثل حجراً يُرفع من جدار الحرب”.
في المقابل، حذرت أصوات محلية من “القراءة المتسرعة”، مشيرة إلى أن بعض عمليات الاستسلام قد تكون نتيجة ضغط عسكري وليس مصالحة حقيقية، ما يتطلب احتواء اجتماعياً أعمق.
انعكاسات مستقبلية على أمن منطقة الساحل
تزامناً مع تصاعد التوترات في بوركينا فاسو والنيجر، تعتبر هذه الخطوات الإيجابية في مالي رسالة تطمين للمنطقة كلها. فقد أثبتت تجارب السنوات الماضية أن الجماعات المسلحة في الساحل تعتمد على ديناميكية الانتشار بين الحدود الثلاثية، وأن أي استقرار في إحدى الدول قد ينعكس على أخرى.
كما أن إدماج مقاتلين سابقين في المؤسسة العسكرية قد يساعد في سد النقص في الموارد البشرية وتطوير معرفة محلية دقيقة بطبيعة التضاريس والقبائل والممرات الحدودية.
خلاصة
يمثل استسلام مقاتلي جبهة تحرير أزواد في كيدال خطوة صغيرة بحجمها، كبيرة بأثرها، في سياق معقد ومتشابك بالصراعات. وإذا ما أحسن تنفيذ برامج الإدماج وتم تعزيز الثقة بين السكان والسلطات، فقد تتحول كيدال — التي كانت يوماً مركزاً للتمرد — إلى نقطة انطلاق جديدة لمسار السلام في شمال مالي.
