مجزرة مروّعة في جنوب كردفان بعد هجوم بطائرة مسيّرة على روضة أطفال في كالوجي أدى إلى مقتل 50 شخصاً بينهم 33 طفلاً. تصعيد خطير في الصراع السوداني وسط إدانات دولية ودعوات لوقف الهجمات على المدنيين.
في جريمة مروّعة تُعد من أكثر الحوادث دموية منذ اندلاع الحرب السودانية عام 2023، أعلنت شبكة أطباء السودان أن 50 شخصاً على الأقل، بينهم 33 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 5 و7 سنوات، قُتلوا إثر هجوم بطائرة مسيّرة استهدف روضة أطفال في بلدة كالوجي التابعة لمحلية غدير في ولاية جنوب كردفان يوم الخميس 4 ديسمبر 2025.
الهجوم، الذي وُجّهت أصابع الاتهام فيه إلى قوات الدعم السريع (RSF)، أثار صدمة واسعة داخل السودان وخارجه، لما حمله من استهداف مباشر للأطفال ومقدمي الإسعافات، في خرق واضح لكل القوانين الدولية الإنسانية.
تفاصيل الهجوم: ثلاث ضربات متتالية ومتعمدة
وفق بيان شبكة أطباء السودان، جاء الهجوم على شكل ثلاث ضربات منفصلة خلال أقل من نصف ساعة، في تكتيك يوحي بنية مسبقة لإيقاع أكبر خسائر ممكنة.
1. الضربة الأولى: استهداف الأطفال مباشرة
استهدفت الدرونز الروضة بشكل مباشر أثناء وجود الأطفال في فناء المدرسة، وتسببت بمقتل 33 طفلاً على الفور، إضافة إلى عدد من المربيات والعاملين.
2. الضربة الثانية: استهداف المسعفين
بعد لحظات من وصول فرق الإسعاف المحلية، نفّذت المسيّرة ضربة ثانية أصابت سيارات الإسعاف وجرحت عدداً من المسعفين، في سلوك يوصف بأنه جريمة حرب مكتملة الأركان.
3. الضربة الثالثة: ضرب موقع مدني قريب
استهدفت ضربة ثالثة منطقة سكنية مجاورة، ما أدى إلى الفوضى وتعطيل محاولات الإنقاذ.
مسؤول محلي في كالوجي، عيسام الدين السيد، أكد لـAFP أن الضربات كانت "متعمدة وموجهة"، مشيراً إلى تورط قوات الدعم السريع وحليفتها "حركة تحرير السودان الشعبية–شمال" بقيادة عبد العزيز الحلو، التي تسيطر على أجزاء واسعة من الولاية.
إدانات دولية واسعة: مأساة جديدة بحق أطفال السودان
أحدث الهجوم موجة إدانات دولية وإنسانية، تركزت على حماية الأطفال ومنع تكرار سيناريوهات مشابهة في كردفان.
اليونيسف: جريمة صادمة
ممثل اليونيسف في السودان، شيلدون يت، قال:
"قتل الأطفال داخل مدارسهم جريمة مروّعة. الأطفال لا يجب أبداً أن يكونوا أهدافاً للحرب."
ودعت المنظمة إلى وقف فوري للهجمات والسماح بوصول المساعدات الإنسانية.
مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان
المفوض فولكر تورك حذّر من أن جنوب كردفان قد تكون أمام "مرحلة فظائع جديدة" مشابهة لسيناريو الفاشر، الذي شهد مجازر وعمليات إعدام وجرائم واسعة.
منظمة الصحة العالمية
أكدت أن الحرب أدت حتى الآن إلى:
-
أكثر من 40 ألف قتيل
-
12 مليون نازح
-
مخاطر مجاعة في مناطق كادقلي ودليل
وتوقعت المنظمة ارتفاع الحصيلة بشكل كبير بسبب انقطاع الاتصالات وغياب تقارير دقيقة من مناطق النزاع.
الجيش السوداني يرد… وقوات الدعم السريع تنفي
في الوقت الذي اتهم فيه الجيش السوداني قوات الدعم السريع بـ"الإرهاب المنظم"، أعلن تنفيذ ضربات جوية مضادة على مواقع في كاودا، أسفرت – وفق بيان رسمي – عن 48 قتيلاً آخرين.
هذا التطور يعكس حالة تصعيد عسكري مفتوح في كردفان، التي أصبحت جبهة مركزية بعد سيطرة الدعم السريع على الفاشر في أكتوبر 2025.
من جهتها، نفت قوات الدعم السريع مسؤوليتها، وادعت أن الجيش نفّذ "هجمات بالدرونز على الحدود مع تشاد"، ونشرت فيديوهات دخان كثيف قرب مواقع مدنية. لكن منظمات حقوقية عديدة أشارت إلى أن نمط الهجمات يتطابق مع استخدامات سابقة للدرونز من قبل الدعم السريع.
جنوب كردفان… جبهة مشتعلة وتحول استراتيجي في الحرب
تحوّلت ولايات كردفان الثلاث (شمال – جنوب – غرب) إلى مسرح صراع معقد بعد توسع الدعم السريع شرقاً عقب السيطرة على دارفور.
لماذا كردفان تحديداً؟
-
وجود حقول نفط مهمة
-
تضاريس جبلية تسمح لحركة الحلو بالانتشار
-
طرق استراتيجية نحو ولايات النيل الأبيض وسنار
-
كثافة سكانية عالية (8 ملايين نسمة)
تزايد الصراع أدى إلى نزوح 40 ألف شخص خلال شهر واحد فقط، إضافة إلى انقطاع كامل للاتصالات في مناطق واسعة، ما يصعّب التحقق من الانتهاكات.
تحليل: ماذا يعني هذا الهجوم للمشهد السوداني؟
هذا الهجوم يحمل دلالات خطيرة:
1. استخدام الدرونز ضد أطفال… سابقة خطيرة
الاستهداف المباشر لأطفال في مدرسة يعكس مستوى غير مسبوق من العنف.
2. دخول الحرب مرحلة "التصعيد العشوائي"
الضربات المتتالية وتعدد الفاعلين (الجيش – الدعم السريع – الحركة الشعبية) ينذر بانهيار كامل لخطوط الفصل التقليدية.
3. احتمالات تكرار سيناريو الفاشر
حيث أدت العمليات هناك إلى:
-
آلاف القتلى
-
حصار أحياء كاملة
-
نزوح جماعي نحو تشاد وجنوب السودان
4. فشل المجتمع الدولي في حماية المدنيين
رغم التحذيرات، تتوسع الانتهاكات يومياً دون وجود آليات ردع فعلية.
5. احتمالات توسع الحرب
قد يمتد الصراع نحو ولايات الجزيرة وسنار، ما قد يؤدي إلى كارثة إنسانية أوسع.
