![]() |
| ماكسيم بريفو |
في تحول دبلوماسي بارز يُعزز الشراكة الثنائية بين الرباط وبروكسل، أدلى نائب الوزير الأول ووزير الخارجية البلجيكي، ماكسيم بريفو، بتصريح رسمي أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البلجيكي يوم 4 ديسمبر 2025، أكد فيه أن قنصلية بلجيكا العامة في الرباط تُمارِس اختصاصها على كامل التراب المغربي، بما في ذلك الأقاليم الجنوبية. وأوضح بريفو أن هذا الموقف لم يعد محصوراً في بيانات سياسية فحسب، بل سيتبعه إجراء عملي على الأرض عبر زيارة مرتقبة للسفير البلجيكي إلى المنطقة للتحضير لمبادرات اقتصادية مشتركة ودعم انخراط الشركات البلجيكية في المشاريع المحلية.
خلفية التصريح والإعلان المشترك في بروكسل
يأتي تصريح بريفو بعد إعلان مشترك وقعته الرباط وبروكسل في 23 أكتوبر 2025، حيث عبّرت بلجيكا رسمياً عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدمها المملكة كـ«الإطار الأنسب والأكثر جدية ومصداقية» لحل ملف الصحراء الغربية. ورفعت الوثيقة التي نُشرت عقب اللقاء بين بريفو ونظيره المغربي ناصر بوريطة سقف التعاون بين البلدين ليشمل العمل «دبلوماسياً واقتصادياً» وفق هذا الموقف، مع التأكيد على ضرورة ضمان حقوق السكان المحليين ضمن القانون الدولي. هذا التحول في الموقف البلجيكي يندرج ضمن موجة من المواقف الغربية التي أعادت تقييم مقاربتها لقضية الصحراء.
مضمون التصريح وأبعاده العملية
أكد بريفو أن المواطنين البلجيكيين القاطنين في الأقاليم الجنوبية سيحصلون على الخدمات القنصلية كاملةً كما في باقي جهات المملكة، ما يعني عملياً تضمين هذه المناطق ضمن دائرة الدعم والحماية القنصلية البلجيكية دون تمييز إقليمي. وأشار أيضاً إلى أن الزيارة الدبلوماسية المرتقبة للسفير تهدف إلى فتح آفاق اقتصادية جديدة، خصوصاً في مجالات مثل الطاقة المتجددة، البنية التحتية، والصناعة، مع السعي لجعل الأقاليم الجنوبية محور ربط بين أوروبا وأسواق غرب ووسط إفريقيا.
دلالات دبلوماسية وإشارات إلى تغير مواقف أوروبية
هذا التأكيد البلجيكي يعكس تحولاً دبلوماسياً مهماً يمكن قراءته في إطار إعادة ترتيب مواقف بعض الدول الأوروبية إزاء قضية الصحراء؛ إذ انضمت بلجيكا إلى قائمة دول غربية أظهرت دعماً أو انفتاحاً تجاه مبادرة المغرب منذ أكتوبر 2025، وهو ما قد يسهِم في تقليص عزلة موقف الرباط دولياً وتوسيع قاعدة الاعتراف الدولي بمقترحات المملكة للحل السياسي. ولكن يظل الملف رهين مساعٍ أممية يقودها الأمين العام ومبعوثه الخاص لحلحلة الخلاف بين الأطراف المعنية.
انعكاسات اقتصادية وإقليمية متوقعة
من الناحية الاقتصادية، يُنتظر أن يسهِم هذا الموقف في تشجيع مزيد من الاستثمارات البلجيكية والأوروبية في الأقاليم الجنوبية، ما قد يدفع مشاريع تنموية محلية ويعزّز الروابط التجارية مع إفريقيا جنوب الصحراء. كما يربط الإعلان بين البُعد الدبلوماسي والأهداف الأمنية والهجرية، عبر تسهيل آليات إعادة المغاربة المورَّدين قانونياً وإدماجهم، وفي المقابل توفير بيئة ملائمة للاستثمار وتقليص وضعية عدم اليقين التي كانت تُثني بعض الفاعلين الاقتصاديين عن الانخراط في المنطقة.
الأبعاد القانونية والحقوقية
رغم الطابع العملي للتصريح، أكدت الرباط والدوائر الأوروبية المعنية ضرورة احترام قواعد القانون الدولي وحقوق السكان المحليين عند تنفيذ أي مشاريع أو إجراءات ميدانية. وأشار مسؤولون إلى أن أي تعاون اقتصادي أو قنصلي يجب أن يواكبه احترام لالتزامات الحماية والمساعدة القنصلية، بالإضافة إلى مبادئ التنمية المستدامة التي تراعي مصالح المجتمعات المحلية.
ردود فعل محتملة ومتابعة إعلامية
من المتوقع أن تُثير هذه اليد الممدودة من بروكسل نقاشاً في الأوساط الدبلوماسية الإقليمية والدولية، لا سيما لدى الجزائر وجماعات سياسية ومدنية مهتمة بمآل النزاع. أما داخل المغرب فسيُنظر إلى الموقف على أنه دعم إضافي للاستراتيجية المغربية في تدعيم سيادتها وتوسيع شراكاتها. وستبقى زيارات السفير والمبادرات الاقتصادية المعلنة نقاطاً عملية يُقاس من خلالها مدى ترجمة التصريحات إلى واقع ملموس.
خاتمة
تصريح ماكسيم بريفو يمثل خطوة عملية ودبلوماسية مهمة في مسار تعزيز الشراكة البلجيكية-المغربية، ويضع عناصر جديدة للعمل المشترك في مجالات القنصلية والاقتصاد والأمن. وبينما يفتح الإعلان الباب أمام مشاريع تنموية واستثمارات محتملة في الأقاليم الجنوبية، ستظل الأطر الأممية والدبلوماسية الإقليمية مرجعاً لتقييم أي تطور مستقبلي في هذا السياق. وسيتابع "فاس نيوز" عن كثب تفاصيل زيارة السفير البلجيكي والمبادرات الاقتصادية المرتقبة، لتقديم تغطية متجددة حول آثار هذا التحول على الصعيدين الوطني والإقليمي.
