ابتداءً من الاثنين: المغرب يفرض التسجيل المرئي لمحاضر الحراسة

 

ابتداءً من الاثنين: المغرب يفرض التسجيل المرئي لمحاضر الحراسة
المديرية العامة للأمن الوطني

المغرب يبدأ تسجيل محاضر الحراسة النظرية صوتاً وصورة ابتداءً من 8 دجنبر 2025 ضماناً للشفافية وحماية لحقوق المشتبه فيهم.

في خطوة وُصفت بأنها الأكبر منذ إصلاحات المسطرة الجنائية سنة 2011، أعلنت وزارة العدل، بتنسيق مع المديرية العامة للأمن الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي ورئاسة النيابة العامة، عن بدء العمل رسمياً بقرار إلزامي يقضي بتسجيل جميع محاضر الاستماع خلال فترة الحراسة النظرية صوتاً وصورة، ابتداءً من يوم الاثنين 8 دجنبر 2025. وسيتم إرفاق التسجيل بوسيط إلكتروني مشفر يُوجَّه مباشرة إلى النيابة العامة باعتباره جزءاً أساسياً من ملف المشتبه فيه.

هذا القرار التاريخي يضع نهاية لجدل دام عقوداً داخل المحاكم المغربية، حيث كان العديد من المتهمين ينسبون اعترافاتهم إلى “الإكراه” أو “الضغط”، ما كان يدفع محاكم إلى إبطال محاضر أو إعادة الإجراءات. واليوم، تدخل العدالة الجنائية المغربية مرحلة جديدة عنوانها الشفافية والمراقبة الرقمية.


أهداف القرار: إنهاء الإكراه وتعزيز المحاكمة العادلة

أوضحت وزارة العدل في بلاغ مشترك أن هذا الإجراء يهدف إلى:

  • القضاء نهائياً على مزاعم التعذيب أو الضغط خلال الاستماع.

  • تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وفق التزامات المغرب الدولية.

  • رفع الحجية القانونية لمحاضر الشرطة القضائية أمام القضاء.

  • الانسجام مع بروتوكول إسطنبول واتفاقية مناهضة التعذيب.

  • تحسين صورة المغرب في التقارير الدولية لحقوق الإنسان.

ويرى مراقبون أن القرار ينسجم مع توجّه الدولة نحو تحديث العدالة وإعادة الثقة بين المواطن ومؤسسات إنفاذ القانون.


كيف سيجري التسجيل؟ تجهيزات متطورة وضوابط دقيقة

دخلت أكثر من 1800 نقطة للشرطة القضائية والدرك في المغرب مرحلة تجهيز مكثف خلال الأشهر الماضية استعداداً للتطبيق. وتشمل الآليات العملية ما يلي:

  • اعتماد غرف استماع مجهّزة بكاميرات عالية الجودة (4K) وميكروفونات حساسة.

  • إخبار المشتبه فيه بحقه في رفض التسجيل المرئي فقط، مع استمرار التسجيل الصوتي الإجباري.

  • منح المحامين نسخاً من التسجيلات فور حضورهم جلسة الاستماع.

  • حفظ النسخة الأصلية داخل خزانة رقمية مشفرة لمدة لا تقل عن عشر سنوات.

  • إرفاق تقرير تقني بالملف في حال وجود عطل يمنع التسجيل المرئي.

ويؤكد خبراء الأمن أن التجهيزات الجديدة ستسمح بكشف أي خروقات فورية، كما ستوفر للقضاة أدلة حساسة تُسهّل الفصل في النزاعات.


ردود فعل واسعة… بين الترحيب والتحفظ

النيابة العامة: “ثورة في توثيق الإجراءات”

رحّبت رئاسة النيابة العامة بالإجراء، معتبرة أنه “ثورة حقيقية” ستقلّص هامش المنازعات حول محاضر الشرطة القضائية. وأكدت أن التسجيل سيعزز الثقة ويختصر زمن معالجة الملفات.

هيئة المحامين: خطوة إيجابية مع مطالب إضافية

عبّرت هيئة المحامين بالمغرب عن دعمها القوي للقرار، لكنها طالبت بتعميم التسجيل المرئي ليشمل:

  • جلسات التحقيق لدى قاضي التحقيق،

  • جلسات المحاكمة في القضايا الجنائية الكبرى.

الجمعيات الحقوقية: الترحيب المشروط

رحّبت الجمعيات الحقوقية (AMDH، OMHD، منتدى الكرامة) بالقرار، لكنها شددت على ضرورة:

  • تطبيقه في كل المناطق بدون استثناء، بما في ذلك الأقاليم النائية.

  • تدريب عناصر الشرطة القضائية على احترام خصوصية الأشخاص.

  • ضمان جودة التجهيزات في مراكز الدرك النائية.


إصلاحات متواصلة في المنظومة القضائية

يشكل القرار الجديد جزءاً من مسار شامل لإصلاح العدالة، بدأ في السنوات الأخيرة بعدة خطوات نوعية، من بينها:

  • تفعيل حق حضور المحامي منذ الساعة الأولى للحراسة النظرية.

  • رقمنة المحاكم وإطلاق المحاضر الإلكترونية.

  • تقليص مدة الحراسة النظرية في عدد من الجنح.

وتشير مصادر مطلعة إلى أن سنة 2026 ستشهد تعميم التسجيل المرئي على جلسات قاضي التحقيق، قبل الانتقال إلى تسجيل المحاكمات في القضايا الكبرى، بما في ذلك الإرهاب والجرائم المالية.


تأثيرات متوقعة… عدالة أسرع وثقة أكبر

يتفق الخبراء على أن الإجراء الجديد سيُحدث تحولاً كبيراً في العمل القضائي، ومن أبرز نتائجه المتوقعة:

  • انخفاض كبير في إلغاء المحاضر القضائية بسبب الشك في مصداقيتها.

  • تسريع وتيرة المحاكمات وتقليل مدة الاعتقال الاحتياطي.

  • الحد من الاكتظاظ داخل السجون.

  • تحسين مؤشرات المغرب في التقارير الدولية لحقوق الإنسان.

  • تعزيز ثقة المواطن في منظومة العدالة.

ووفق مصادر حكومية، تخصص ميزانية 2026 مبلغاً يفوق 380 مليون درهم لاستكمال تجهيز مراكز الشرطة والدرك وتدريب الموارد البشرية.


خاتمة: المغرب نحو مرحلة جديدة من الشفافية

بهذا القرار، يضع المغرب نفسه في مقدمة الدول العربية والأفريقية التي تعتمد التسجيل المرئي الإجباري خلال التحقيقات الأولية، في خطوة غير مسبوقة ترسّخ دولة القانون وتعزّز ضمانات المحاكمة العادلة. وبينما يستعد القضاء المغربي لمرحلة رقمية أكثر شفافية، يبقى الرهان الأكبر هو التطبيق الفعلي على أرض الواقع بنفس الصرامة التي جاء بها الإعلان.

HASSAN BENYOUB
بواسطة : HASSAN BENYOUB
Maghrebcom مدونة إخبارية شاملة ترصد أبرز المستجدات في العالم العربي، المغرب العربي، الشرق الأوسط وإفريقيا، إضافة إلى أخبار التقنية، الرياضة، المشاهير والمرأة.
تعليقات