باماكو تستضيف القمة الثانية لقادة كونفدرالية دول الساحل يومي 22 و23 ديسمبر 2025 وسط رهانات أمنية وتنموية حاسمة.
تدخل العاصمة المالية باماكو المرحلة الأخيرة من الاستعدادات لاحتضان القمة الثانية لرؤساء دول كونفدرالية دول الساحل، المقررة يومي 22 و23 ديسمبر 2025، في حدث إقليمي بالغ الأهمية ينتظر أن يرسم ملامح المرحلة المقبلة لهذا التكتل الذي يضم مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وتكتسي قمة باماكو طابعا استراتيجيا خاصا، بالنظر إلى السياق الإقليمي المعقّد الذي تطبعه تحديات أمنية وسياسية واقتصادية متداخلة، ما يجعل من هذا الموعد محطة حاسمة للانتقال من التنسيق السياسي إلى البناء المؤسساتي المتكامل داخل الكونفدرالية.
استعدادات رسمية مكثفة في باماكو
تشهد باماكو منذ أسابيع ديناميكية تنظيمية مكثفة تقودها السلطات المالية تحت إشراف مباشر من رئيس الوزراء، الجنرال عبد الله ميغا، بصفته رئيس لجنة قيادة اللجنة الوطنية للكونفدرالية. وقد عقدت اللجنة سلسلة من الاجتماعات التنسيقية، كان آخرها اجتماع 4 ديسمبر 2025، خُصص لتقييم مستوى التقدم في التحضيرات التقنية واللوجستية والأمنية.
وأكدت مصادر حكومية أن التحضيرات تسير وفق جدول زمني دقيق يراعي حساسية الحدث وحجمه السياسي، مع اعتماد مقاربة تقوم على التنسيق المحكم بين مختلف القطاعات الوزارية، من بينها الخارجية والدفاع والأمن والنقل والاتصال والإدارة الترابية.
إشراف حكومي مباشر لضمان نجاح القمة
تركز المقاربة التنظيمية المعتمدة على ضمان انسيابية تنقل الوفود الرئاسية والوزارية، وتأمين أماكن الاجتماعات والإقامة، إضافة إلى توفير الظروف الملائمة لعمل الإعلام الوطني والدولي، بما يعكس صورة إيجابية عن قدرة مالي على تنظيم استحقاقات إقليمية كبرى.
وشدد رئيس الوزراء المالي خلال اجتماعات لجنة القيادة على أن نجاح تنظيم القمة يشكل عاملا أساسيا في تعزيز مصداقية الكونفدرالية، وإبراز قدرتها على إدارة شؤونها الاستراتيجية بشكل مستقل وفعّال.
اجتماعات تقنية لصياغة القرارات الاستراتيجية
وقبيل انعقاد قمة الرؤساء، تحتضن باماكو سلسلة من الاجتماعات التحضيرية التقنية التي تشكل الإطار العملي لصياغة القرارات المنتظرة. فقد انطلقت في 15 ديسمبر 2025 أعمال اجتماع كبار المسؤولين في الكونفدرالية، بمشاركة خبراء المحاور الثلاثة المعتمدة:
-
الدفاع والأمن
-
الدبلوماسية
-
التنمية والاندماج الاقتصادي
ويُعنى هذا الاجتماع بدراسة الوثائق الاستراتيجية، ومشاريع التقارير المتعلقة بتنفيذ خارطة الطريق للسنة الأولى، إلى جانب مشاريع النصوص القانونية المنظمة لعمل أجهزة الكونفدرالية.
مجلس وزراء الكونفدرالية يهيئ مخرجات القمة
ومن المنتظر أن تُرفع نتائج الاجتماعات التقنية إلى أول دورة كونفدرالية لمجلس الوزراء، المقررة يومي 20 و21 ديسمبر في باماكو، والتي ستتولى مهمة المصادقة على الصيغ النهائية للوثائق والنصوص، تمهيدا لعرضها على رؤساء الدول لاعتمادها خلال القمة.
وتُعد هذه المرحلة أساسية في توحيد الرؤى بين الدول الأعضاء، وتحويل التوجهات السياسية العامة إلى سياسات عملية قابلة للتنفيذ.
من الرمزية السياسية إلى البناء المؤسساتي
وتأتي قمة باماكو بعد نحو عام ونصف من تأسيس كونفدرالية دول الساحل في يوليو 2024 بنيامي، وهي فترة شهدت إطلاق عدد من الرموز المشتركة، مثل العلم والشعار والهوية البصرية، إضافة إلى الإعلان عن جواز سفر موحد.
غير أن عددا من المشاريع الكبرى لا يزال في طور البناء، ما يجعل من هذه القمة موعدا حاسما لتقييم ما تحقق وتحديد أولويات المرحلة المقبلة.
ملفات أمنية واقتصادية في صدارة جدول الأعمال
يركز جدول أعمال القمة على تعزيز الأمن الجماعي وتطوير آليات التنسيق العسكري في إطار القوة الموحدة، إلى جانب توحيد المواقف الدبلوماسية وتعزيز حضور الكونفدرالية على الساحة الإقليمية والدولية.
كما تحظى القضايا الاقتصادية بمكانة مركزية، خاصة ما يتعلق بمشاريع الاندماج الاقتصادي، وتمويل البنى التحتية، ودراسة آليات تفعيل البنك الكونفدرالي للاستثمار والتنمية.
قمة باماكو ورهانات مستقبل دول الساحل
ويمثل احتضان باماكو لهذا الحدث اختيارا ذا دلالة سياسية ورمزية، يعكس الموقع المحوري لمالي داخل الكونفدرالية، ويمنح العاصمة زخما دبلوماسيا وإعلاميا لافتا.
ويرى متابعون أن مخرجات قمة باماكو ستشكل اختبارا حقيقيا لقدرة كونفدرالية دول الساحل على الانتقال من منطق التحالف إلى منطق المؤسسة، وعلى تحويل الإرادة السياسية إلى أدوات تنفيذية ملموسة، في ظل تطلعات شعوب المنطقة إلى الأمن والاستقرار والتنمية المشتركة.
