المغرب ينشر منصات Barak-8 MX المتنقلة: خطوة لتحديث الدفاع الجوي

منصات Barak-8 MX المتنقلة

المغرب يعزز دفاعه الجوي عبر نشر منصات Barak-8 MX المتنقلة في قاعدة سيدي يحيى الغرب، ضمن شراكة استراتيجية مع إسرائيل والولايات المتحدة، وبقدرات اعتراض متقدمة تهدف لبناء شبكة دفاع موحدة.

مقدمة: نقلة نوعية في قدرات الدفاع الجوي المغربي

في خطوة تعكس التحول النوعي الذي يشهده الجيش المغربي خلال السنوات الأخيرة، بدأ المغرب نشر منصات الإطلاق المتنقلة لمنظومة الدفاع الجوي Barak-8 MX في قاعدة سيدي يحيى الغرب. هذه المنظومة تعتبر من أكثر الأنظمة تطورًا في فئتها، وتمثل حجر أساس في مشروع بناء شبكة دفاع جوي متعددة الطبقات قادرة على مواجهة التهديدات الجوية المعاصرة، بدءًا من الطائرات المسيّرة ووصولًا إلى الصواريخ الباليستية التكتيكية.

منظومة Barak-8 MX: عمود فقري لدفاع جوي حديث

رادارات AESA وقاذفات عمودية متنقلة

تستند المنظومة إلى بنية رقمية عالية التطور تشمل:

مركز قيادة موحد يدير العمليات التكتيكية لحظة بلحظة.
رادارات AESA متقدمة من طراز EL/M-2084، القادرة على تتبع مئات الأهداف في وقت واحد.
قواذف عمودية مثبتة على شاحنات تمنح المنظومة قدرة انتشار مرنة وسريعة في مختلف تضاريس المغرب.

هذه المزايا تجعل Barak-8 MX قادرة على العمل ضمن بيئة متغيرة وتوفير حماية آنية للبنية العسكرية والحيوية.

ذخائر بأربع طبقات اعتراض

المنظومة تقدم أربعة صواريخ اعتراضية بقدرات مختلفة، مما يتيح للمغرب بناء مظلة دفاعية متعددة الطبقات:

MRAD بمدى 35 كلم لاعتراض الأهداف القريبة والمتوسطة.
LRAD بمدى 70 كلم لمواجهة الطائرات والمسيّرات الحديثة.
ER بمدى 150 كلم لاعتراض صواريخ كروز والمقاتلات المتقدمة.
EA بمدى 250 كلم، النسخة الأحدث، الموجهة للتعامل مع التهديدات البعيدة بما فيها الصواريخ الباليستية التكتيكية.

وتبلغ قدرة منظومة Barak-8 MX على الارتفاع أكثر من 35 كلم، ما يسمح لها بتدمير أهداف عالية المناورة في الطبقات العليا من الغلاف الجوي.

قدرات اعتراض متقدمة ضد تهديدات الحرب الحديثة

تتميّز المنظومة بعدد من الخصائص التكتيكية التي جعلتها أحد أبرز خيارات الدفاع الجوي عالميًا:

إطلاق عمودي 360° يمنحها قدرة تغطية شاملة دون الحاجة لتوجيه المنصة نحو الهدف.
باحثات نشطة رادارية تزيد دقة الاشتباك وتقلل من تأثير التشويش الإلكتروني.
قدرة على اعتراض الدرونات، المقاتلات، صواريخ الكروز، والصواريخ التكتيكية بسرعة استجابة عالية.

هذه القدرة المتنوعة تجعل المغرب من أوائل الدول الإفريقية التي تنتقل من الدفاع الجوي التقليدي إلى دفاع متعدد الطبقات قادر على مواجهة التهديدات الشبكية الحديثة.

شبكة موحدة: دمج بري وبحري في منظومة واحدة

من أبرز مميزات النظام أنه يعتمد على هندسة رقمية مفتوحة تتيح:

تنسيق العمل بين عدة وحدات من Barak-8 MX.
تبادل بيانات المستشعرات بين القواعد البرية والمنصات البحرية.
استخدام صواريخ بطارية أخرى لاعتراض أهداف خارج نطاقها المباشر.

هذه البنية تجعل المغرب قادرًا على بناء نظام دفاع جوي متكامل يربط بين البر والبحر، خصوصًا مع تحديث البحرية الملكية بسفن مجهزة بأنظمة مشابهة.

سياق التعاون الدفاعي بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة

صفقة الـ 500 مليون دولار لعام 2022

وقع المغرب عقدًا بقيمة 500 مليون دولار لاقتناء منظومة Barak-8 MX، ما يعكس أولويات الرباط في تعزيز الحماية ضد التهديدات الجوية وتطوير قدرات الردع.

شراكة استراتيجية متنامية

تأتي هذه الخطوة ضمن سياق تعاون عسكري متزايد مع:

إسرائيل في مجالات الدفاع الجوي، الطائرات بدون طيار، والحرب الإلكترونية.
الولايات المتحدة التي تدعم المغرب كحليف استراتيجي في شمال إفريقيا، وهو ما ظهر خلال مشاركة القوات الإسرائيلية لأول مرة في مناورات الأسد الإفريقي 2022 إلى جانب القيادة الأمريكية AFRICOM.

مشاريع صناعية مشتركة

امتد التعاون ليشمل:

إنشاء مصنعين لإنتاج طائرات Harop الانتحارية في المغرب.
اتفاقية بقيمة مليار دولار لإطلاق القمر الصناعي العسكري Ofek الإسرائيلي كبديل للمنظومات الفرنسية، بما يعزز قدرات الاستشعار وجمع المعلومات.

الاستراتيجية الإقليمية للمغرب في إفريقيا

يأتي تطوير الدفاع الجوي في سياق رؤية مغربية أوسع تقوم على:

تعزيز الحضور الاقتصادي في إفريقيا.
دعم الدول الصديقة عسكريًا ومعلوماتيًا.
مواجهة التمدد الروسي والإيراني والصيني في الساحل والصحراء.
استغلال تراجع الوجود الغربي لإعادة موازنة النفوذ الإقليمي.

هذه الرؤية تعكس إدراك الرباط للتحولات الأمنية في المنطقة، خصوصًا اتساع نشاط الميليشيات وتهريب السلاح ونمو التحالفات المضادة لمصالحها الاستراتيجية.

خاتمة: نحو مظلة دفاعية متكاملة

يمثل نشر منصات Barak-8 MX المتنقلة في سيدي يحيى الغرب خطوة كبيرة نحو بناء درع جوي مغربي متعدد الطبقات، قادر على مواجهة تهديدات القرن الحادي والعشرين. ومع توسع الشراكات الدفاعية والصناعية مع إسرائيل والولايات المتحدة، يسير المغرب بسرعة نحو بناء منظومة دفاعية حديثة تعزز مكانته الإقليمية وقدرته على حماية مجاله الجوي بكفاءة عالية.

تعديل المقال

راديو مغاربي – آخر الأخبار العاجلة من المغرب والعالم