المغرب/ تندرارة تبدأ التشغيل التجريبي للغاز المسال وترفع طموحات الطاقة

 

المغرب/ تندرارة تبدأ التشغيل التجريبي للغاز المسال وترفع طموحات الطاقة

انطلاق التشغيل التجريبي لمشروع الغاز المسال بتندرارة في جهة الشرق، خطوة استراتيجية نحو الاكتفاء الذاتي وتقوية الإنتاج المحلي ودعم الصناعات المغربية.

شهدت جهة الشرق، اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025، حدثاً استثنائياً بإطلاق التشغيل التجريبي لأول مشروع للغاز الطبيعي المسال في حقل تندرارة بإقليم فجيج، في خطوة تعد منعطفاً محورياً في مسار المغرب نحو تعزيز أمنه الطاقوي والحد من التبعية للواردات، خصوصاً في الاستعمالات الصناعية وإنتاج الكهرباء. ويأتي هذا الإنجاز ثمرة تعاون استراتيجي بين شركة "ساوند إنرجي" البريطانية والمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمناجم (ONHYM)، إلى جانب شركة "أفريقيا غاز" التابعة لمجموعة «أكوا».

مشروع ضخم باحتياطي تاريخي ودور حاسم في استراتيجية الطاقة

يمثل حقل تندرارة أضخم اكتشاف بري للغاز في تاريخ المغرب، حيث يمتد على مساحة 133.5 كيلومتر مربع ضمن رخصة استغلال مدتها 25 عاماً انطلقت سنة 2018. ويبلغ احتياطي الحقل 10.67 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، ما يجعله أحد الركائز المستقبلية لتقوية الإنتاج الوطني وتقليل واردات الفحم والوقود الأحفوري.

انطلقت الأشغال سنة 2021 بميزانية مقدرة بـ 127 مليون دولار، تتضمن بناء محطة تسييل ومعالجة الغاز قرب البئر TE-5، وإقامة شبكة تجميع واستقبال فنية متطورة. كما عقدت "ساوند إنرجي" اتفاقية تزويد طويلة الأمد (10 سنوات) مع "أفريقيا غاز"، إضافة إلى دراسة ربط تندرارة بأنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي لفتح باب التصدير على المدى المتوسط.

التشغيل التجريبي ينطلق… والإنتاج التجاري يلوح في الأفق

يمثل التشغيل التجريبي الذي بدأ اليوم خطوة أساسية لاختبار منظومة الإنتاج والتسييل والنقل، قبل الانتقال إلى مرحلة الإنتاج التجاري الكامل خلال الربع الأخير من 2025.
وبحسب معطيات "منصة الطاقة" بواشنطن، سيبدأ معدل الإنتاج اليومي بـ 3 ملايين متر مكعب، ليرتفع تدريجياً إلى 12 مليون متر مكعب، مع إنتاج سنوي يتجاوز 100 مليون متر مكعب توجه بشكل رئيسي إلى المصانع المغربية.

وأكد الرئيس التنفيذي لـ"ساوند إنرجي"، غراهام ليون، أن عملية نقل الغاز المسال ستتم عبر أسطول من الشاحنات الخاصة "كل ساعة"، لضمان تزويد الأسواق الصناعية بانتظام. كما تم بنجاح فتح واختبار بئري الإنتاج، إلى جانب انتهاء دراسة التصميم الهندسي (FEED) لضمان أعلى معايير الأمان والفعالية.

انعكاسات اقتصادية واجتماعية واسعة على جهة الشرق

من المتوقع أن يحدث المشروع طفرة اقتصادية غير مسبوقة في جهة الشرق، خاصة في إقليم فجيج، من خلال:

  • خلق فرص شغل واسعة مباشرة وغير مباشرة في التنقيب، الاستغلال، اللوجستيك والنقل.

  • إنعاش الصناعات الجهوية مثل الفوسفات، السيراميك، الحديد، والطاقات الحرارية.

  • تطوير منظومة بيئية مستدامة عبر خفض الانبعاثات وتطوير الطاقة النظيفة.

  • استكشاف موارد واعدة كالهيدروجين الطبيعي والهيليوم في المنطقة.

في المقابل، يؤكد خبراء ضرورة تشديد الرقابة البيئية والاجتماعية لضمان توزيع عادل للثروة، خاصة مع شراكة تجمع فاعلين حكوميين وقطاعاً خاصاً قوياً مثل "أفريقيا غاز".

آفاق مستقبلية: نحو اكتفاء ذاتي وتعزيز الدور الإقليمي للمغرب

يمثل مشروع تندرارة خطوة كبيرة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي الطاقوي بحلول منتصف 2025، مع فتح المجال لتغذية محطات المكتب الوطني للكهرباء والماء (ONEE) انطلاقاً من 2027.

كما يعزز المشروع موقع المغرب كلاعب متصاعد في سوق الغاز الإقليمي، خاصة مع إمكانية الربط بأنظمة التصدير الأوروبية عبر الأنابيب المتوفرة، مما يمنح المملكة وزناً أكبر في سوق الطاقة المتوسطية.

وقد رحّب مسؤولون في وزارة الطاقة بهذا الإنجاز، مؤكدين أن تندرارة سيكون نموذجاً يحتذى به في الاستثمارات الطاقوية داخل المناطق النائية، ويساهم في التوازن الترابي والتنمية الاقتصادية المستدامة.

HASSAN BENYOUB
بواسطة : HASSAN BENYOUB
Maghrebcom مدونة إخبارية شاملة ترصد أبرز المستجدات في العالم العربي، المغرب العربي، الشرق الأوسط وإفريقيا، إضافة إلى أخبار التقنية، الرياضة، المشاهير والمرأة.
تعليقات