اندلاع مواجهات ليلية في القيروان التونسية عقب وفاة شاب قيل إنه تعرض للضرب من الشرطة، وسط غضب شعبي وتصاعد الاحتجاجات وغياب توضيح رسمي.
ليلة غضب في القيروان: الشرارة الأولى
شهدت مدينة القيروان وسط تونس، ليلة الجمعة–السبت 12–13 دجنبر 2025، احتجاجات عنيفة ومواجهات مباشرة بين شبان غاضبين وقوات الأمن، على خلفية وفاة شاب يبلغ 26 سنة قيل إنه تعرض لـاعتداء جسدي خلال مطاردة أمنية.
🇹🇳 URGENT | Durant toute la nuit de vendredi à samedi, des #manifestations violentes ont éclatées à #Kairouan, en #Tunisie, après l’assassinat d’un jeune tunisien par la #police tunisienne. pic.twitter.com/I4HlavhvEJ
— La Revue Afrique (@larevueafrique) December 13, 2025
وبحسب روايات متطابقة تداولها نشطاء محليون وشهود عيان، فإن الشاب ياسين المنصوري توفي متأثراً بجروح خطيرة بعد مطاردة على متن دراجة نارية، انتهت بتوقيفه وتعنيفه، قبل نقله إلى المستشفى حيث فارق الحياة لاحقاً، ما فجّر موجة غضب واسعة في أوساط الشباب.
مواجهات ليلية: حجارة ومولوتوف في مواجهة الغاز المسيل للدموع
مع انتشار خبر الوفاة، خرج عشرات الشبان إلى الشوارع في أحياء مختلفة من القيروان، حيث أُحرقت الإطارات المطاطية، وأُغلقت طرق رئيسية، بينما رشق المحتجون قوات الأمن بـالحجارة وقنابل مولوتوف.
وردّت الأجهزة الأمنية باستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق التجمعات، ما أدى إلى مواجهات استمرت لساعات حتى الساعات الأولى من صباح السبت. وتُظهر مقاطع فيديو متداولة على شبكات التواصل الاجتماعي مشاهد فوضى، وألسنة لهب، وحالة كرّ وفرّ بين الطرفين.
غياب الرواية الرسمية يزيد من حدة التوتر
حتى لحظة كتابة هذا المقال، لم تصدر السلطات التونسية بياناً رسمياً يوضح ملابسات وفاة الشاب أو تفاصيل التدخل الأمني، وهو ما ساهم في تفاقم الغضب الشعبي وانتشار روايات غير مؤكدة حول ما جرى.
كما لم تُعلن أي حصيلة رسمية للإصابات أو التوقيفات، في حين تشير تقديرات غير رسمية إلى إصابات في صفوف المحتجين وقوات الأمن دون تسجيل وفيات إضافية.
القيروان… مدينة هادئة على وقع انفجار اجتماعي
تُعرف القيروان، المصنفة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، بهدوئها النسبي وبُعدها عن بؤر التوتر التقليدية في تونس، غير أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وارتفاع نسب البطالة في صفوف الشباب، جعلا المدينة أكثر هشاشة أمام الصدمات الاجتماعية.
وتُظهر الإحصائيات غير الرسمية أن بطالة الشباب في بعض أحياء القيروان تتجاوز 40%، في ظل تراجع الفرص الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة، ما يجعل أي حادث أمني قابلًا للتحول إلى شرارة انفجار اجتماعي.
سياق أوسع: أزمة ثقة متجددة بين الشباب والأمن
لا تُعد أحداث القيروان معزولة عن السياق العام في تونس، حيث تكررت في السنوات الأخيرة حوادث وفاة أو إصابة شبان خلال تدخلات أمنية، غالباً ما تثير موجات احتجاج وغضب شعبي.
ومنذ ثورة 2011، ظل ملف إصلاح المؤسسة الأمنية ومحاسبة المتورطين في تجاوزات حقوقية أحد أبرز مطالب الشارع التونسي، غير أن منظمات حقوقية محلية ودولية تؤكد أن ثقافة الإفلات من العقاب ما تزال حاضرة.
تداعيات محتملة: احتواء أم تصعيد؟
يرى مراقبون أن تعامل السلطات مع حادث القيروان سيكون حاسماً في تحديد المسار المقبل، بين:
-
احتواء الغضب عبر فتح تحقيق شفاف ومستقل.
-
أو تصعيد محتمل في حال استمرار الصمت الرسمي أو الاكتفاء بالحلول الأمنية.
كما يُحذر متابعون من أن تجاهل المطالب الاجتماعية والحقوقية قد يؤدي إلى تكرار السيناريو ذاته في مدن أخرى، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد.
وسائل التواصل الاجتماعي… وقود الاحتجاج
لعبت منصات التواصل الاجتماعي دوراً مركزياً في نقل صور ومقاطع فيديو المواجهات، وفي تأجيج الغضب عبر وسم الحادثة كـدليل جديد على عنف أمني ممنهج، وفق تعبير نشطاء.
وفي المقابل، دعا آخرون إلى التحقق من المعطيات وانتظار نتائج أي تحقيق رسمي، محذرين من الانزلاق نحو الفوضى.
خلاصة
تعكس أحداث القيروان أزمة مركبة تتجاوز حادثة فردية، لتلامس إشكالات عميقة مرتبطة بالبطالة، وحقوق الإنسان، والعلاقة المتوترة بين الشباب والمؤسسة الأمنية. وبينما تبدو الاحتجاجات حتى الآن محدودة جغرافياً، فإن استمرار تجاهل جذور الأزمة قد يحولها إلى مؤشر إنذار جديد على هشاشة الاستقرار الاجتماعي في تونس.
