![]() |
| صعّع سلا |
حكمت محكمة الاستئناف بالرباط بـ12 سنة سجناً نافذاً على “صعّع سلا”، أول متهم في أحداث الخميس الأسود بسلا عام 2025. تقرير وتحليل شامل للسياق والتفاصيل وردود الفعل.
في خطوة قضائية حاسمة تعكس توجّه الدولة نحو مواجهة أعمال الشغب بصرامة، قضت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط — المختصة بملفات مدينة سلا — بالسجن لمدة 12 سنة نافذة في حق الشاب المعروف بلقب "صعّع سلا"، وذلك خلال جلسة الأربعاء 4 ديسمبر 2025. ويُعد هذا الحكم الأول من نوعه في الملفات المرتبطة باحتجاجات الخميس الأسود، التي اندلعت أواخر سبتمبر 2025، وشارك فيها شباب ينتمون إلى جيل زد احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، قبل أن تتحول إلى مواجهات عنيفة مع السلطات.
الملف أثار اهتماماً واسعاً منذ بداياته، بسبب ظهور المتهم في تسجيلات مصوّرة ومواد إعلامية وثّقت اعتداءه على رجل أمن بطريقة وُصفت بـ"الشنيعة"، فضلاً عن تورطه في عمليات تخريب ونهب لعدد من المنشآت، من بينها محلات تجارية وسلسلة المتاجر التركية "BIM".
تفاصيل الحكم والتهم الثقيلة الموجهة للمتهم
تهم جنائية مشدّدة
تابعت النيابة العامة "صعّع سلا" بمجموعة من التهم الخطيرة، التي يجرمها القانون الجنائي المغربي وتشدد العقوبة عليها، من بينها:
-
قطع الطريق العمومية وعرقلة السير
-
تكوين تجمع مسلح وإهانة موظفين عموميين أثناء أداء مهامهم
-
الضرب والجرح في حق رجال الأمن وإراقة الدماء
-
إضرام النار عمداً في ممتلكات عمومية وخاصة
-
اقتحام وتخريب متجر تابع لسلسلة BIM
-
الاعتداء على سيارات الأمن وإحداث خسائر مادية جسيمة
ممثل النيابة العامة شدد خلال الجلسة على أن "وسائل الإثبات، بما في ذلك كاميرات المراقبة وتقارير الشرطة والتسجيلات المنشورة إعلامياً، تُدين المتهم بشكل مباشر وواضح"، مؤكداً ضرورة تطبيق أقصى العقوبات لردع تكرار مثل هذه الأفعال.
كيف تم التعرف عليه؟
أحد أهم عناصر القضية كان ظهور المتهم بشكل واضح في عدة مقاطع مصورة أثناء الاعتداء على رجل أمن، وهو المشهد الذي أثار غضباً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي. ووفقاً لملف المتابعة، ساعدت تسجيلات المراقبة وفيديوهات الهواتف في التعرف السريع عليه، مما أدى إلى اعتقاله وتقديمه أمام النيابة العامة في وقت وجيز مقارنة بباقي الموقوفين.
أحداث الخميس الأسود بسلا: من احتجاج اجتماعي إلى فوضى عارمة
اندلعت أحداث الخميس الأسود في سلا بتاريخ 26 سبتمبر 2025، بعد دعوات شبابية للاحتجاج ضد التضخم وغلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية. البداية كانت سلمية، خصوصاً في الأحياء الشعبية، لكن سرعان ما تحولت إلى مواجهات خطيرة مع القوات العمومية.
مشاهد الشغب شملت:
-
تكسير سيارات الشرطة وإحراق الإطارات
-
اقتحام المحلات التجارية ونهب محتويات بعضها
-
الاعتداء على رجال الأمن
-
إلحاق أضرار واسعة بالبنية التحتية وبعض ممتلكات الخواص
-
استهداف محلات BIM في أكثر من حي بشكل منسق
هذه الأحداث أدخلت المدينة في حالة استنفار أمني، ودفعت السلطات إلى فتح تحقيقات موسعة، اعتُقل خلالها عشرات الأشخاص، من بينهم قاصرون وشباب ما بين 18 و25 سنة.
ردود الفعل على الحكم: انقسام واضح بين التأييد والانتقاد
على منصات التواصل الاجتماعي
منذ اللحظات الأولى لإعلان الحكم، اشتعلت منصة X بتعليقات متباينة. ففي حين اعتبر البعض أن العقوبة "عادلة وتشكل درساً لكل من يعتدي على الأمن والممتلكات"، رأى آخرون أنها "قاسية" وتعكس "توجهاً نحو تشديد التعامل مع الاحتجاجات الاجتماعية".
ومن بين أبرز التفاعلات:
-
الصحفي @IssamElazizi كتب:"⛔ عطاوه 12 عام... المحكمة الابتدائية بسلا تدين 'صعّع سلا' بالسجن النافذ على خلفية تورطه في أعمال الشغب..."(276 إعجاب / 27 إعادة نشر)
-
@ibnlmamlaka علّق:"المحكمة تدين 'صعّع سلا' بالسجن 12 سنة... #رجال_الأمن"(24 إعجاب)
-
@Mustapha69ma أضاف:"الجهل والتخلف يسوقان صاحبها إلى عواقب وخيمة."(7 إعجاب)
التفاعل الإجمالي تجاوز 7 آلاف مشاهدة خلال ساعات.
في الشارع المغربي
يعتبر الحكم رسالة واضحة من القضاء المغربي بأن أعمال العنف والشغب لن تُعامل كأفعال احتجاجية، بل كجرائم جنائية تهدد النظام العام. وفي المقابل، يعتقد بعض الحقوقيين أن الإجراءات يجب أن تراعي الظروف الاجتماعية التي دفعت الشباب إلى الاحتجاج، دون تبرير العنف طبعاً.
تحليل: ماذا يعني هذا الحكم في سياق السياسة الجنائية بالمغرب؟
يشكل هذا القرار خطوة مهمة في تعزيز السياسة الجنائية الردعية، خصوصاً في ظل تزايد حالات الشغب المرتبطة بالأوضاع الاقتصادية. فالحكم السريع — بعد شهرين فقط من الأحداث — يظهر رغبة واضحة لدى السلطات في:
-
منع تكرار أحداث مشابهة
-
فرض هيبة الدولة واستعادة الطمأنينة العامة
-
معالجة ملفات الشغب بصرامة قانونية
-
إرسال رسالة قوية بأن الاعتداء على الأمن جريمة لا تسقط بالتساهل
كما يعكس الحكم ثقة القضاء في الأدلة الرقمية الملتقطة عبر الكاميرات ووسائل الإعلام، وهو ما يعزز أهمية التوثيق المرئي في المحاكمات الحديثة.
خلاصة: نقطة تحول في معالجة الشغب بالمغرب
يمثل ملف "صعّع سلا" منعطفاً بارزاً في كيفية تعامل المغرب مع أعمال الشغب ذات الطابع الاجتماعي. فاستعمال العنف وتخريب الممتلكات لم يعد يُنظر إليه كامتداد للاحتجاج، بل كجريمة كاملة الأركان تستوجب المحاسبة. وتبقى الأيام المقبلة كفيلة بالكشف عن أحكام وملفات جديدة مرتبطة بأحداث الخميس الأسود، وما إذا كان هذا الحكم سيخفف من حدة الاحتقان أو يدفع لمزيد من النقاش حول مسار العدالة الاجتماعية.
