انفصالي صحراوي يعلن توبته ويعود للمغرب بعد 15 عاماً

 

انفصالي صحراوي يعلن توبته ويعود للمغرب بعد 15 عاماً

توبة جابر وليد، انفصالي صحراوي سابق، وعودته للمغرب بعد 15 عاماً، مشيداً بالحكم الذاتي ومستلهماً خطاب الملك محمد السادس.

في خطوة غاية في الأهمية تعكس دينامية جديدة داخل ملف الصحراء المغربية، أعلن جابر وليد، أحد الأسماء المعروفة سابقاً بمواقفها الانفصالية، توبته النهائية وعودته إلى حضن الوطن، مؤكداً إيمانه الراسخ اليوم بأن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الواقعي والعملي الذي يضمن الكرامة والاستقرار لكل الصحراويين. هذا الإعلان، الذي جاء من العاصمة الموريتانية نواكشوط بتاريخ 5 ديسمبر 2025، يشكل محطة مفصلية في مسار رجل قضى خمسة عشر عاماً داخل تنظيمات انفصالية، قبل أن يقرر وضع حدّ لـ"وهم طويل"، على حد وصفه.

اعتراف شجاع بعد سنوات من الضياع

جابر وليد، الذي عاش سنوات من الانخراط في دعايات الانفصال، قال في رسالته المفتوحة إلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله وإلى الشعب المغربي إن تلك السنوات كانت "طويلة من التيه في حلم النضال الذي تبين أنه مجرد وهم استُغِلّ فيه الكثير من الشباب الصحراوي". وأعرب عن أسفه العميق لما وصفه بـ"الوقت المهدور في مشروع لا يخدم الصحراويين، بل يزجّ بهم في معاناة لا تنتهي".

هذا الاعتراف، الذي يأتي بعد تجربة ميدانية طويلة عايش فيها مختلف أوجه الحياة داخل المخيمات وخارجها، يبرز حجم التحولات الفكرية التي عاشها الرجل، والتي دفعته إلى إعادة النظر جذرياً في قناعاته السابقة.

الخطاب الملكي… الشرارة التي غيّرت المسار

من أبرز ما جاء في رسالة جابر وليد إشارته القوية إلى التأثير العميق للخطاب الملكي الأخير، الذي دعا فيه جلالة الملك محمد السادس إلى تعزيز المساواة بين كل المغاربة، بما في ذلك الصحراويون المغرر بهم في الخارج. وقال جابر:
“شجعني الخطاب الملكي الأخير الذي ساوى بين المواطنين المغاربة والصحراويين المغرر بهم، وأظهر لي أن جلالة الملك يهمه مستقبل الجميع دون تمييز”.

هذه الإشادة تعكس بوضوح الدور المحوري للخطابات الملكية التي تؤكد باستمرار مبدأ الوحدة الوطنية، وتعيد التأكيد على أن الحل يكمن في مشروع الحكم الذاتي باعتباره الإطار الواقعي الذي يحفظ الكرامة ويوفر شروط التنمية.

تحول لا يخص فرداً واحداً… بل جزءاً من مسار شامل

لا يأتي إعلان التوبة هذا في عزلة عن السياق العام؛ ففي السنوات الأخيرة شهدت قضية الصحراء موجة من العودة الطوعية لعدد من الانفصاليين السابقين، مدفوعين بما تحقق على الأرض من إنجازات تنموية كبرى في الأقاليم الجنوبية.
المغرب أطلق مشاريع استراتيجية ضخمة تشمل:

  • شبكة طرق وممرات استراتيجية تربط الصحراء بباقي الجهات.

  • ميناء الداخلة الأطلسي الذي سيغيّر موازين الاقتصاد الإقليمي.

  • بنية جامعية وصحية حديثة تستجيب لتطلعات الشباب.

  • فرص استثمارية أضحت تجذب العديد من الشركات الدولية.

هذه المنجزات، إلى جانب الدينامية الدبلوماسية للمغرب، جعلت خيار الحكم الذاتي يكتسب زخماً دولياً واضحاً، خاصة مع الدعم المتزايد من الولايات المتحدة وفرنسا وعدد من الدول العربية والإفريقية.

نداء للتسامح والوحدة الوطنية

في رسالته المؤثرة، وجه جابر وليد نداءً صريحاً إلى جميع من لا يزالون يحملون أفكاراً انفصالية، داعياً إياهم إلى التفكير بعمق في مستقبلهم ومستقبل المنطقة. وقال:
“أتمنى أن يكون اعتذاري خطوة نحو التسامح والوئام بين جميع المغاربة… نحن جميعاً مغاربة ونريد الخير لمغربنا الحبيب”.

هذا النداء يعكس وعياً متنامياً لدى عدد من الصحراويين الذين باتوا يدركون حجم الاستغلال السياسي الذي تُمارسه بعض الأطراف الأجنبية، وتحديداً الجزائر التي تدعم جبهة البوليساريو، ما يُطيل أمد النزاع ويحرِم المنطقة من الاستقرار والتنمية.

انعكاسات إقليمية ودولية مهمة

الإعلان من نواكشوط، العاصمة الموريتانية، يحمل أيضاً بُعداً إقليمياً لافتاً؛ فموريتانيا، باعتبارها دولة محورية في المنطقة، لطالما لعبت دوراً في الوساطة ودعم الحلول السلمية. كما أن صدور هذه الرسالة من أراضيها يعطي إشارة إيجابية حول التحولات التي تعرفها البيئة السياسية في المنطقة المغاربية.

إضافة إلى ذلك، يرى محللون أن خطوة جابر وليد تندرج ضمن المسار الذي يدعم توجهات مجلس الأمن الداعية إلى حل سياسي واقعي ومتوافق عليه، وهو ما باتت الرباط تقدمه من خلال مقترح الحكم الذاتي الذي يحظى بإشادة دولية واسعة.

رسالة للجيل الجديد من الصحراويين

يمثل تحول جابر وليد رسالة قوية للشباب الصحراوي، خصوصاً لأولئك الذين لا يزالون يعيشون في ظروف صعبة داخل المخيمات. فقد أكد في رسالته أن "الحياة في المغرب اليوم تفتح آفاقاً واسعة، وأن التنمية المتسارعة في الصحراء تجعل مستقبل أبنائها واعداً ومشرقاً".
وتشير تقارير إلى تزايد رغبة الشباب في الاندماج في مشاريع تنموية توفر فرص عمل وتكوّن قاعدة اقتصادية قوية داخل الأقاليم الجنوبية.

خلاصة: خطوة شجاعة تعزّز طريق الحل

ختاماً، يمكن القول إن إعلان جابر وليد يشكل محطة مهمة في مسار تطورات ملف الصحراء، ويعكس رغبة واضحة في طي صفحة الماضي والانخراط في مشروع وطني شامل. هذه العودة ليست مجرد حدث فردي، بل تجسيد لتحول فكري واجتماعي ودبلوماسي يصب في اتجاه واحد:
تعزيز الوحدة الترابية، وترسيخ ثقافة المصالحة، وفتح آفاق جديدة لمستقبل يستفيد منه جميع المغاربة دون استثناء.

وتماماً كما ختم جابر رسالته:
"نحن جميعاً مغاربة… ولا شيء أغلى من الوطن."


HASSAN BENYOUB
بواسطة : HASSAN BENYOUB
Maghrebcom مدونة إخبارية شاملة ترصد أبرز المستجدات في العالم العربي، المغرب العربي، الشرق الأوسط وإفريقيا، إضافة إلى أخبار التقنية، الرياضة، المشاهير والمرأة.
تعليقات