باكستان تستثمر في الصحراء وتدخل سباق مونديال 2030

 

باكستان تستثمر في الصحراء وتدخل سباق مونديال 2030
السفير الباكستاني جيلاني

باكستان تعلن استثمارات في الصحراء المغربية وتشارك في مشاريع مونديال 2030، مع تعزيز التعاون العسكري والاقتصادي في شراكة استراتيجية متصاعدة.

في خطوة دبلوماسية واقتصادية لافتة تحمل أبعاداً استراتيجية بعيدة المدى، أعلنت جمهورية باكستان الإسلامية عزمها الاستثمار في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، مع استعدادها للمشاركة في مشاريع تنظيم كأس العالم 2030 الذي سيقام بشراكة بين المغرب وإسبانيا والبرتغال. هذا التوجه كشف عنه السفير الباكستاني بالرباط، سيد عادل جيلاني، الذي أكد أن بلاده ترى في المغرب شريكاً اقتصادياً وسياسياً موثوقاً، ودولة صاعدة تستحق أن تكون محوراً للتعاون الإقليمي والدولي.

يأتي هذا الإعلان ليعزز العلاقات التاريخية بين البلدين، التي تمتد منذ خمسينيات القرن الماضي، ويكشف عن رغبة باكستان في تعميق حضورها في شمال أفريقيا والفضاء المتوسطي، من خلال بوابة المغرب الذي أصبح مركزاً إقليمياً واعداً بفضل استقراره السياسي ورؤيته التنموية.


استثمارات باكستانية في الصحراء المغربية: دعم مباشر للوحدة الترابية

أوضح السفير جيلاني أن بلاده تسعى إلى ضخ استثمارات نوعية في الأقاليم الجنوبية، خاصة في قطاعات اللوجستيك والتجارة والطاقة المتجددة والسياحة. وأشار إلى أن المشاريع الكبرى التي أطلقها المغرب، مثل ميناء الداخلة الأطلسي وممرات التجارة نحو أفريقيا، تجعل الصحراء المغربية بيئة مثالية للاستثمار الباكستاني.

هذه التصريحات ليست مجرد إعلان عن تعاون اقتصادي، بل تعكس أيضاً دعم باكستان الواضح للموقف المغربي بشأن قضية الصحراء. فقد شدد السفير على أن بلاده تدعم حلاً سلمياً “ضمن إطار القانون الدولي، وبما يضمن الاستقرار الإقليمي”، واصفاً قضية الصحراء بأنها “ملف داخلي مغربي يجب أن يُحل وفق قرارات الأمم المتحدة”.

وتمثل هذه الخطوة اعترافاً ضمنياً بنجاح النموذج التنموي الذي اعتمده المغرب في الأقاليم الجنوبية، حيث تحولت المنطقة خلال السنوات الماضية إلى قطب اقتصادي يستقطب استثمارات دولية كبرى.


مونديال 2030… باكستان تدخل على خط أكبر مشروع رياضي عالمي

من أبرز محاور الشراكة المرتقبة، مشاركة باكستان في مشاريع الإعداد لكأس العالم 2030. هذه المشاركة قد تشمل:

  • الاستثمار في البنية التحتية

  • دعم الصناعات الرياضية

  • التوريد الصناعي (خاصة الملابس الرياضية، حيث تمتلك باكستان صناعة قوية عالمياً)

  • التعاون في الهندسة المدنية وبناء الملاعب

  • إدماج الشركات الباكستانية في سلاسل التوريد الخاصة بالمونديال

السفير جيلاني وصف الاقتصاد المغربي بأنه “مزدهر وماضٍ في اتجاه نمو أكبر من خلال كأس العالم”، مؤكداً أن الشركات الباكستانية يمكنها الاستفادة من الوصول إلى أسواق أوروبا وأفريقيا عبر المغرب بفضل شبكة اتفاقياته التجارية الحرة.

وتشير التقديرات الاقتصادية إلى أن مونديال 2030 سيُحدث طفرة اقتصادية هائلة في المغرب، قد ترتفع إلى 4% من الناتج الداخلي الخام، ما يعزز فرص التعاون الثنائي في قطاعات الفنادق، النقل، السياحة، والأمن اللوجستي.


تعاون عسكري يتجدد… وجذور تمتد إلى عقود

التعاون العسكري بين المغرب وباكستان ليس جديداً، لكنه يعرف في السنوات الأخيرة زخماً متزايداً. فقد أكد السفير جيلاني أن “العلاقات بين الجيشين وثيقة”، وأن البلدين يشتركان في تدريبات وتبادل خبرات متقدمة، خصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب.

وتعود جذور هذا التعاون إلى مرحلة الاستقلال المغربي، حين لعبت باكستان دوراً مهماً في دعم الدبلوماسية المغربية داخل الأمم المتحدة. كما أن القوات البحرية المغربية شاركت في مناورة “أمان” الباكستانية سنة 2023، وهي واحدة من أهم المناورات البحرية الدولية في جنوب آسيا.

يشير مراقبون إلى أن هذه الشراكات العسكرية يمكن أن تتوسع لتشمل:

  • التدريب العسكري المشترك

  • تبادل الخبرات في التصنيع الدفاعي

  • التعاون في الأمن البحري

  • التكامل في مكافحة الإرهاب العابر للحدود

هذا التقارب يعزز حضور المغرب في جنوب آسيا ويمنح باكستان شريكاً استراتيجياً مستقراً في شمال أفريقيا.


دبلوماسية اقتصادية فعالة… المغرب يعزز موقعه الإقليمي

هذا الانفتاح الباكستاني على الأقاليم الجنوبية المغربية يعكس أيضاً قوة الدبلوماسية المغربية في محيطها الإقليمي والدولي. فعلى الرغم من التوترات التي يعرفها الساحل والصحراء، يظل المغرب نموذجاً للاستقرار والتنمية، قادراً على جذب شركاء كبار مثل الصين، الهند، البرازيل، وها هي باكستان تنضم إلى القائمة.

كما أن البنية التحتية الحديثة، مثل الطرق السريعة والموانئ العملاقة ومشاريع الطاقة الخضراء، تجعل من المغرب بوابة اقتصادية لأفريقيا، وهو ما تبحث عنه إسلام آباد التي ترغب في تنويع شراكاتها الاقتصادية.


آفاق اقتصادية وثقافية واعدة حتى 2030

وفقاً للتصريحات الرسمية، من المتوقع أن يرتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بشكل كبير خلال السنوات الخمس المقبلة، مدعوماً بالتعاون في مجالات:

  • الزراعة

  • الطاقة المتجددة

  • الصناعات الخفيفة

  • التكوين المهني

  • تبادل الطلاب

  • الاستثمار المشترك نحو أسواق أفريقيا

وقد دعا السفير إلى إطلاق برامج تبادل ثقافي لتعزيز الفهم المتبادل بين الشعبين، مؤكداً أن العلاقات المغربية الباكستانية ليست فقط سياسية، بل حضارية أيضاً.


خلاصة: شراكة ترتقي إلى مستوى التحالف

توجه باكستان نحو الصحراء المغربية ومشاركتها في مشاريع مونديال 2030 ليس مجرد حدث دبلوماسي عابر، بل مؤشر قوي على تحول استراتيجي في علاقات البلدين. فالمغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، يواصل توسيع شبكة شراكاته الدولية، بينما تجد باكستان في المغرب جسراً نحو أفريقيا وأوروبا.

هذه الشراكة الجديدة ترسّخ رؤية مستقبلية تقوم على التنمية، الاستقرار، والتكامل الاقتصادي، وتفتح الباب لتعاون أعمق قد يصل إلى مستوى التحالف الاستراتيجي بحلول 2030.

HASSAN BENYOUB
بواسطة : HASSAN BENYOUB
Maghrebcom مدونة إخبارية شاملة ترصد أبرز المستجدات في العالم العربي، المغرب العربي، الشرق الأوسط وإفريقيا، إضافة إلى أخبار التقنية، الرياضة، المشاهير والمرأة.
تعليقات