مذكرات خالد نزار تكشف كواليس خطيرة عن لقاء الحسن الثاني والشاذلي بنجديد، وخدعة الجدار الأمني، وقضية العيايدة وتأثيرها على العلاقات المغربية الجزائرية.
قراءة في مذكرات خالد نزار وانعكاسها على العلاقات المغربية الجزائرية
تقدم المذكرات رواية جزائرية خالصة لأحداث مفصلية أثرت على مستقبل العلاقات الثنائية. وبين الحديث عن "خدعة الجدار الأمني"، و"كتيبة جزائرية في الرباط"، و"مخزون أسلحة"، تكشف الوثيقة حجم انعدام الثقة الذي سيطر على تلك الفترة، وكيف تحولت أحداث أمنية وسياسية إلى أزمة إقليمية مستمرة حتى اليوم.
أعادت مجلة "جون أفريك" الفرنسية إحياء واحدة من أكثر اللحظات حساسية في تاريخ العلاقات المغربية الجزائرية، بعد نشرها مقتطفات من الجزء الثاني من مذكرات الجنرال الجزائري خالد نزار، وزير الدفاع الأسبق وأحد أبرز الشخصيات العسكرية خلال العشرية السوداء. هذه المذكرات تكشف تفاصيل دقيقة عن لقاءات سياسية وأمنية جمعت الملك المغربي الراحل الحسن الثاني بالرئيس الجزائري الشاذلي بنجديد، إضافة إلى معطيات مثيرة حول بناء الجدار الأمني، وأزمة "العيايدة"، وهجوم مراكش سنة 1994.
خلفيات لقاء الحسن الثاني والشاذلي بنجديد على الحدود سنة 1983
يشير نزار إلى أن الحسن الثاني قرر سنة 1979 بناء الجدار الأمني الرملي لحماية الحدود الشرقية من هجمات جبهة البوليساريو. وفي تلك الفترة حاول الملك – حسب المذكرات – فتح قنوات تواصل مع الجزائر بعد سنوات من القطيعة، بوساطة سعودية سمحت بتنظيم أول لقاء مباشر بينه وبين الشاذلي بنجديد عام 1983 في نقطة حدودية مشتركة.
لكنّ نزار يعتبر اللقاء "خدعة سياسية" تهدف لإعطاء الانطباع بأن المغرب مستعد للتقارب، بينما كان يسابق الزمن لإكمال تشييد الجدار.
ما وراء بناء الجدار الأمني المغربي حسب رواية خالد نزار
يؤكد نزار أن الملك الحسن الثاني كان يمتلك معرفة دقيقة بملف الصحراء، وأنه أدار اللقاء بذكاء أعطاه أفضلية واضحة. بينما يرى أن الشاذلي بنجديد دخل الاجتماع دون إدراك كافٍ لحسابات الملك.
تحذيرات الجنرالات الجزائريين للشاذلي بنجديد ولماذا تجاهلها
يكشف نزار أنه، رفقة اللواء محمد التواتي، رفع مذكرة للرئيس الجزائري تحثّه على الحذر من "الانفتاح المغربي المفاجئ"، وتقترح اتخاذ إجراءات عسكرية لعرقلة بناء الجدار، من بينها:
-
استنفار وحدات الجيش على الحدود
-
نشر الطائرات الحربية والمروحيات
-
فتح المجال الجوي للتدخل في حال ملاحقة القوات المغربية للبوليساريو داخل الأراضي الجزائرية
لكن الشاذلي – بحسب نزار – رفض التنفيذ خوفاً من اندلاع حرب شاملة في ظرف دولي غير مناسب.
كيف وظّف الحسن الثاني الدبلوماسية العسكرية في قضية الصحراء
يقدّم نزار في مذكراته صورة واضحة عن قدرة الحسن الثاني على إدارة العلاقات مع الجزائر وفق رؤية استراتيجية، مستخدماً الدبلوماسية العسكرية كأداة لتعزيز الموقف المغربي في الصحراء.
زيارة الحسن الثاني للجزائر سنة 1991: كواليس وأسرار جديدة
يخصص نزار جزءاً مهماً للزيارة الرسمية التي قام بها الملك الحسن الثاني للجزائر سنة 1991. خلال حفل عشاء بوهران، تبادل الملك مع وزير الدفاع الجزائري نقاشاً مطولاً حول مستقبل العلاقات بين البلدين ودور الجيشين في دعم الاتحاد المغاربي.
العرض المفاجئ: كتيبة عسكرية جزائرية في قلب الرباط؟
بالنسبة لنزار، كان تصريح الملك اختباراً ذكياً لرد فعل المؤسسة العسكرية الجزائرية.
جدل مرافقة نزار للحسن الثاني إلى قاعدة مرسى الكبير
بحسب المذكرات، طلب الشاذلي من نزار مرافقة الملك لزيارة القاعدة البحرية في "مرسى الكبير"، لكن الجنرال اعتبر الأمر "إهانة" غير مباشرة، خاصة في ظل استنفار الجيش. فقرر المغادرة إلى العاصمة بحجة طارئة لتجنب الموقف.
قضية عبد الحق العيايدة وتأثيرها على الأمن المغاربي
تدخل المذكرات مرحلة أكثر حساسية حين تتناول قضية دخول عبد الحق العيايدة، مؤسس "الجماعة الإسلامية المسلحة"، إلى المغرب بهوية مزورة سنة 1993. وكانت الجزائر حينها تغرق في العشرية السوداء.
يؤكد نزار أنه تواصل مع وزير الداخلية المغربي إدريس البصري دون كشف اسم العيايدة، قبل إرسال إسماعيل العماري لطلب تسليمه. غير أن المغرب – وفق الرواية الجزائرية – لم يستجب للطلب إلا بعد زيارة رسمية من خالد نزار للرباط.
كيف ساهمت هجمات 1994 في انفجار الأزمة بين المغرب والجزائر
يضيف نزار أن السلطات المغربية أخبرته خلال لقائه بالملك أن مخزوناً من الأسلحة صودر على الحدود، وهي المعلومة التي يقول إنها جاءت من إسماعيل العماري نفسه. وبعد أحداث 1994 وتفجير فندق أطلس آسني بمراكش بأسلحة مرتبطة بالعيايدة، فرض المغرب التأشيرة على الجزائريين، لترد الجزائر بإغلاق الحدود البرية.
ومنذ ذلك التاريخ دخل البلدان في مرحلة جمود طويلة ما تزال قائمة.
